الأربعاء، 14 سبتمبر 2011
الاثنين، 12 سبتمبر 2011
مصرع صحفي إذاعي عراقي بارز بالرصاص في منـزله
9 سبتمبر 2011
قالت منظمة العفو الدولية إن مقتل صحفي إذاعي بارز في بغداد يُظهر عجز السلطات عن حماية العاملين في وسائل الإعلام من التهديدات وأعمال العنف المستمرة.
فقد أُردي هادي المهدي، البالغ من العمر 44 عاماً، برصاصتين في رأسه في شقته الواقعة في منطقة الكرادة ببغداد يوم أمس، وذلك قبل موعد الاحتجاج الذي كان من المقرر أن يشارك فيه في ساحة التحرير اليوم.
وقال أصدقاؤه إنه كان يخشى على حياته بعد تلقيه سلسلة من التهديدات في الأسابيع الأخيرة.
وقال فيليب لوثر، نائب مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: "إن الصحفيين ما زالوا يدفعون ثمناً باهظاً في أتون العنف المستمر في العراق، وإنه يجب ألا يُسمح بمثل هذه الاعتداءات ذات الدوافع السياسية بعد اليوم."
وأضاف يقول: "إن السلطات العراقية يجب أن تدين بشدة مقتل هادي المهدي، وأن تجري تحقيقاً كاملاً في الحادثة لتحديد هوية قاتليه وتقديمهم إلى ساحة العدالة، وضمان توفير الحماية الكافية للصحفيين الآخرين الذين يتلقون تهديدات إذا طلبوا منها ذلك."
لقد كان المهدي سياسياً جريئاً في انتقاداته. وكان برنامجه الإذاعي "لمن يستمع" الذي يُبث من راديو ديموزي يتناول طائفة واسعة من القضايا. ولم يكن أحد من الطيف السياسي برمته يسلم من انتقاداته، وكانت تحليلاته توصف بأنها لاذعة وذكية، حيث تنهل من خلفيته المسرحية.
وذُكر أن مسؤولين في حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي شكوا من البرنامج إلى راديو ديموزي.
وقد أوقف المهدي بث برنامجه قبل نحو شهرين خوفاً على سلامته بحسب ما ورد.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع استخدم المهدي مواقع التواصل الاجتماعي للإعلان عن تنظيم احتجاج من المقرر أن يتم في 9 سبتمبر/أيلول في ساحة التحرير ببغداد، حيث ظل يشارك في الاحتجاجات الأسبوعية طوال الأشهر الأخيرة.
وقبل مقتله بعدة ساعات عشية الاحتجاج، نشر المهدي ملاحظة على موقع "فيس بوك" قال فيها إنه يشعر بالخطر على حياته:
"لقد عشت طوال الأيام الثلاثة الأخيرة في حالة رعب. فثمة أشخاص يتصلون بي هاتفياً ويحذرونني من أن سيتم القيام بغارات وحملة اعتقالات ضد المحتجين. وثمة شخص يقول لي إن الحكومة ستفعل كذا وكذا، وهناك آخر يحمل اسماً مستعاراً يدخل إلى الموقع ليهددني."
وفي وقت سابق من هذا العام، تحدث المهدي لمنظمة العفو الدولية عن قيام مجموعة مؤلفة من 15 جندياً باعتقاله مع ثلاثة صحفيين آخرين في 25 فبراير/شباط عقب مشاركتهم في مظاهرة مؤيدة للإصلاح في ساحة التحرير.
وقد احتُجز الصحفيون الأربعة طوال الليل بغية استجوابهم في مقر قيادة الفرقة الحادية عشرة التابعة للجيش، حيث تعرض المهدي للضرب والصعق بالكهرباء والتهديد بالاغتصاب قبل إطلاق سراحه بدون تهمة.
وفي أغسطس/آب أقر البرلمان العراقي قانوناً جديداً بشأن الحماية القانونية للصحفيين الذين يواجهون باستمرار تهديدات واعتداءات ذات دوافع سياسية. بيد أن القانون لا ينص على حمايتهم جسدياً.
وقال فيليب لوثر: "إن مقتل المهدي بعد شهر واحد فقط من إقرار القانون يُظهر هذه الثغرة الكبرى في هذا الإجراء."
ومضى لوثر يقول: "إن السلطات العراقية يجب أن تضاعف جهودها لضمان إمكانية قيام الصحفيين بعملهم بشكل آمن."
فقد أُردي هادي المهدي، البالغ من العمر 44 عاماً، برصاصتين في رأسه في شقته الواقعة في منطقة الكرادة ببغداد يوم أمس، وذلك قبل موعد الاحتجاج الذي كان من المقرر أن يشارك فيه في ساحة التحرير اليوم.
وقال أصدقاؤه إنه كان يخشى على حياته بعد تلقيه سلسلة من التهديدات في الأسابيع الأخيرة.
وقال فيليب لوثر، نائب مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: "إن الصحفيين ما زالوا يدفعون ثمناً باهظاً في أتون العنف المستمر في العراق، وإنه يجب ألا يُسمح بمثل هذه الاعتداءات ذات الدوافع السياسية بعد اليوم."
وأضاف يقول: "إن السلطات العراقية يجب أن تدين بشدة مقتل هادي المهدي، وأن تجري تحقيقاً كاملاً في الحادثة لتحديد هوية قاتليه وتقديمهم إلى ساحة العدالة، وضمان توفير الحماية الكافية للصحفيين الآخرين الذين يتلقون تهديدات إذا طلبوا منها ذلك."
لقد كان المهدي سياسياً جريئاً في انتقاداته. وكان برنامجه الإذاعي "لمن يستمع" الذي يُبث من راديو ديموزي يتناول طائفة واسعة من القضايا. ولم يكن أحد من الطيف السياسي برمته يسلم من انتقاداته، وكانت تحليلاته توصف بأنها لاذعة وذكية، حيث تنهل من خلفيته المسرحية.
وذُكر أن مسؤولين في حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي شكوا من البرنامج إلى راديو ديموزي.
وقد أوقف المهدي بث برنامجه قبل نحو شهرين خوفاً على سلامته بحسب ما ورد.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع استخدم المهدي مواقع التواصل الاجتماعي للإعلان عن تنظيم احتجاج من المقرر أن يتم في 9 سبتمبر/أيلول في ساحة التحرير ببغداد، حيث ظل يشارك في الاحتجاجات الأسبوعية طوال الأشهر الأخيرة.
وقبل مقتله بعدة ساعات عشية الاحتجاج، نشر المهدي ملاحظة على موقع "فيس بوك" قال فيها إنه يشعر بالخطر على حياته:
"لقد عشت طوال الأيام الثلاثة الأخيرة في حالة رعب. فثمة أشخاص يتصلون بي هاتفياً ويحذرونني من أن سيتم القيام بغارات وحملة اعتقالات ضد المحتجين. وثمة شخص يقول لي إن الحكومة ستفعل كذا وكذا، وهناك آخر يحمل اسماً مستعاراً يدخل إلى الموقع ليهددني."
وفي وقت سابق من هذا العام، تحدث المهدي لمنظمة العفو الدولية عن قيام مجموعة مؤلفة من 15 جندياً باعتقاله مع ثلاثة صحفيين آخرين في 25 فبراير/شباط عقب مشاركتهم في مظاهرة مؤيدة للإصلاح في ساحة التحرير.
وقد احتُجز الصحفيون الأربعة طوال الليل بغية استجوابهم في مقر قيادة الفرقة الحادية عشرة التابعة للجيش، حيث تعرض المهدي للضرب والصعق بالكهرباء والتهديد بالاغتصاب قبل إطلاق سراحه بدون تهمة.
وفي أغسطس/آب أقر البرلمان العراقي قانوناً جديداً بشأن الحماية القانونية للصحفيين الذين يواجهون باستمرار تهديدات واعتداءات ذات دوافع سياسية. بيد أن القانون لا ينص على حمايتهم جسدياً.
وقال فيليب لوثر: "إن مقتل المهدي بعد شهر واحد فقط من إقرار القانون يُظهر هذه الثغرة الكبرى في هذا الإجراء."
ومضى لوثر يقول: "إن السلطات العراقية يجب أن تضاعف جهودها لضمان إمكانية قيام الصحفيين بعملهم بشكل آمن."
هل من مزيد ؟
شعلان شريف
ها أنا في بغداد مرة أخرى بعد غياب طال أكثر من عامين.. في المرة الأخيرة قضيت أياماً لا تنسى معك يا هادي في شقتك الهادئة التي تملؤها بصخبك.. بأحلامك ومشاريعك المسرحية... بمعاركك المتواصلة في أكثر من اتجاه. ها أنا في بغداد مرة أخرى.. قادماً من أقصى الشمال البارد المستريح.. مررت بالجنوب الساخن الحزين وقضيت فيه أياماً تزودت فيها بطاقة الحب وقوة الألم. حدقتُ ملياً في الخراب الذي لا يزال خراباً.. وفرحت بكل ومضة تضيء خرائب البصرة والناصرية.. ها أنا مرة أخرى في بغداد.. الهواء عذب رغم الحرارة، والشوارع أنظف قليلاً مما تركتها عليه قبل عامين ووجوه البغداديين أقل توتراً وأكثر إقبالاً على الحياة..
ها أنا في بغداد مرة أخرى.. سألتقيك وألتقي أصدقاء كثيرين هم الجذوات المشتعلة تحت رماد يرسم خارطة البلاد وهم الجذوات المشتعلة في روحي الهاربة من زمهريرها ومن شتاءاتها الطويلة. سأقترب من شظايا معاركك التي كنت أتابع فصولها الصاخبة من بعيد..
سأقترب من شتائمك الغاضبة توزعها على كل من لا يريد لبغداد أن تعود إلى الحياة. شتائمك التي طالت آلهة الخراب وطال رذاذها حتى من لا يؤمن بالآلهة. سأقترب من أصدقاء يقاومون الخراب والقبح بإصرار اسطوري على الحب والجمال.. سأعتذر أمامهم بصمت عن حياتي الرتيبة المستريحة في منفى بارد وأنيق. سأحذرك بمحبة من الأخطار التي تحيق بك وأعرف أنك لن تنصت لتحذيري، وفي داخلي شيء من الغيرة من كل هذا الجموح الذي يدفع خطاك نحو المواجهات الكبرى.
ها أنا في بغداد مرة أخرى.. متلهف لمعانقة الحياة..
الحياة تكون أوضح وأعمق وأصدق حين يحيط بها الموت من كل جانب.. الحياة هنا واضحة كصرخة محتضر وعميقة كطعنة تصل حدود القلب وصادقة كقبلة عاشق على جبين معشوقة قتيلة قبل دفنها. ها أنا في بغداد مرة أخرى.. مساء الخميس هذا سيكون صاخباً بالتأكيد.. أصوات تحتدّ في النقاش.. ذكريات تخرج من كهوف الروح لتضيء كهوف الحاضر.. ثمالة تفك حبسة اللسان وتترك للعواطف الجامحة أن تصهل بين أطلال المدينة المفقودة.
تأخذني السيارة الصفراء من "النهضة" إلى "أبو نواس" حيث سيبدأ المساء الصاخب في بيت "عماد". أهاتف "أحمد": وصلت بغداد وأنا في طريقي.. يرد: الحمد لله على السلامة.. سنقضي وقتاً رائعاً. أتطلع في الشوارع بحثاً عن ومضة تمدني بالأمل.. أبحث عن اسباب لتفاؤلي فأرى مجموعة شباب بملابس جميلة وقصات شعر حديثة يتضاحكون.. أمر بمقهى تنبعث منه موسيقى راقصة.. أتصل بأحمد مرة أخرى.
وقد وصلت بي السيارة إلى أبو نواس. يرد بصوت منكسر: هل سمعت بالخبر؟ ماذا؟ هادي المهدي... ما به؟ مات .. قتلوه في بيته!
ما أقساك يا بغداد! أبهذا تستقبلين عشاقك العائدين إلى أحضانك التي غاب عنها الحنان؟
يا هادي.. قبل عامين كنت قريباً منك وأنت تعيش "بروفة في الجحيم".. وها أنا في بغداد مرة أخرى... لأراها وقد رسخت أقدامها في الجحيم ولا تريد أن تفارقه..
لأراها وهي تلتهم الناس والحجارة وتصيح: هل من مزيد؟
يا هادي.. لقد حدقتَ أنت بكل ما في بصرك وبصيرتك بأعماق الجحيم.. أنصتّ طويلاً لنداء النار: هل من مزيد؟ فرميت نفسك في أعماقها.. وتركتنا نتقلب على سطحها.. كأنك تدرك أنّ الأعماق أكثر رحمة من السطح. لسنا وحدنا من يتقلب على سطح الجحيم يا هادي..
قتلتك يشاركوننا هذا التقلب في النار.. لكنهم لا يعرفون رحمة الأعماق.
* شاعر عراقي مقيم في هولندا
ها أنا في بغداد مرة أخرى بعد غياب طال أكثر من عامين.. في المرة الأخيرة قضيت أياماً لا تنسى معك يا هادي في شقتك الهادئة التي تملؤها بصخبك.. بأحلامك ومشاريعك المسرحية... بمعاركك المتواصلة في أكثر من اتجاه. ها أنا في بغداد مرة أخرى.. قادماً من أقصى الشمال البارد المستريح.. مررت بالجنوب الساخن الحزين وقضيت فيه أياماً تزودت فيها بطاقة الحب وقوة الألم. حدقتُ ملياً في الخراب الذي لا يزال خراباً.. وفرحت بكل ومضة تضيء خرائب البصرة والناصرية.. ها أنا مرة أخرى في بغداد.. الهواء عذب رغم الحرارة، والشوارع أنظف قليلاً مما تركتها عليه قبل عامين ووجوه البغداديين أقل توتراً وأكثر إقبالاً على الحياة..
ها أنا في بغداد مرة أخرى.. سألتقيك وألتقي أصدقاء كثيرين هم الجذوات المشتعلة تحت رماد يرسم خارطة البلاد وهم الجذوات المشتعلة في روحي الهاربة من زمهريرها ومن شتاءاتها الطويلة. سأقترب من شظايا معاركك التي كنت أتابع فصولها الصاخبة من بعيد..
سأقترب من شتائمك الغاضبة توزعها على كل من لا يريد لبغداد أن تعود إلى الحياة. شتائمك التي طالت آلهة الخراب وطال رذاذها حتى من لا يؤمن بالآلهة. سأقترب من أصدقاء يقاومون الخراب والقبح بإصرار اسطوري على الحب والجمال.. سأعتذر أمامهم بصمت عن حياتي الرتيبة المستريحة في منفى بارد وأنيق. سأحذرك بمحبة من الأخطار التي تحيق بك وأعرف أنك لن تنصت لتحذيري، وفي داخلي شيء من الغيرة من كل هذا الجموح الذي يدفع خطاك نحو المواجهات الكبرى.
ها أنا في بغداد مرة أخرى.. متلهف لمعانقة الحياة..
الحياة تكون أوضح وأعمق وأصدق حين يحيط بها الموت من كل جانب.. الحياة هنا واضحة كصرخة محتضر وعميقة كطعنة تصل حدود القلب وصادقة كقبلة عاشق على جبين معشوقة قتيلة قبل دفنها. ها أنا في بغداد مرة أخرى.. مساء الخميس هذا سيكون صاخباً بالتأكيد.. أصوات تحتدّ في النقاش.. ذكريات تخرج من كهوف الروح لتضيء كهوف الحاضر.. ثمالة تفك حبسة اللسان وتترك للعواطف الجامحة أن تصهل بين أطلال المدينة المفقودة.
تأخذني السيارة الصفراء من "النهضة" إلى "أبو نواس" حيث سيبدأ المساء الصاخب في بيت "عماد". أهاتف "أحمد": وصلت بغداد وأنا في طريقي.. يرد: الحمد لله على السلامة.. سنقضي وقتاً رائعاً. أتطلع في الشوارع بحثاً عن ومضة تمدني بالأمل.. أبحث عن اسباب لتفاؤلي فأرى مجموعة شباب بملابس جميلة وقصات شعر حديثة يتضاحكون.. أمر بمقهى تنبعث منه موسيقى راقصة.. أتصل بأحمد مرة أخرى.
وقد وصلت بي السيارة إلى أبو نواس. يرد بصوت منكسر: هل سمعت بالخبر؟ ماذا؟ هادي المهدي... ما به؟ مات .. قتلوه في بيته!
ما أقساك يا بغداد! أبهذا تستقبلين عشاقك العائدين إلى أحضانك التي غاب عنها الحنان؟
يا هادي.. قبل عامين كنت قريباً منك وأنت تعيش "بروفة في الجحيم".. وها أنا في بغداد مرة أخرى... لأراها وقد رسخت أقدامها في الجحيم ولا تريد أن تفارقه..
لأراها وهي تلتهم الناس والحجارة وتصيح: هل من مزيد؟
يا هادي.. لقد حدقتَ أنت بكل ما في بصرك وبصيرتك بأعماق الجحيم.. أنصتّ طويلاً لنداء النار: هل من مزيد؟ فرميت نفسك في أعماقها.. وتركتنا نتقلب على سطحها.. كأنك تدرك أنّ الأعماق أكثر رحمة من السطح. لسنا وحدنا من يتقلب على سطح الجحيم يا هادي..
قتلتك يشاركوننا هذا التقلب في النار.. لكنهم لا يعرفون رحمة الأعماق.
* شاعر عراقي مقيم في هولندا
لماذا اغتيل هادي المهدي ؟
علي السومري
مثقف حاول على الدوام قضاء آخر ما تبقى من حياته المضطربة على أحسن حال، انغمس منذ عقود في الهم الثقافي، وبالأخص المسرح، عالمه الذي أجاد فيه وأبدع، لكن دفق الطاقة التي تغمر روحه لم يكن يسعه هذا الفن، فخاض غمار السياسة ليقطف ثمارها إعدام البعض من عائلته المنتمين لحزب الدعوة زمن الطاغية، أنه هادي المهدي، الكائن المشاكس على الدوام والخجول مثل طفل حين تنبهه الى أخطائه، العراقي الذي ترك جنة المنفى بعيد سقوط الفاشيست العام 2003 عائداً إلى وطنه، عودة انتهت بتلقيه رصاصة غادرة في رأسه من الخلف في منزله بمنطقة الكرادة قبل أربعة أيام.
(المهدي) الفنان والناشط المدني، كان من القلة الذين يفكرون بصوت عال، كاتباً كل ما يجول بخاطره على صفحته الخاصة في عالمنا الافتراضي – الفيس بوك – فضلاً عما كان يتحدث فيه إلى القنوات الفضائية، معرباً في أغلبها عن خيبته الكبيرة لما وصلتْ الحال إليه في العراق، وطنه الذي تناوشه القتلة الارهابيون سواء من تأبط سلاحه او أولئك الذين كانوا يجيدون اختيار ربطات العنق الأنيقة.
أغتيل (المهدي) ليكتمل المشهد الأخير من نبوءته، بعد أن ردد طويلاً بأن عمره سيكون قصيراً في هذه الأرض التي تقتات على لحم محبيها، الراحل وبالرغم من الجدل الذي أثاره في الكثير من مواقفه، إلا أنه تمكن من أن يوصل رسالة حقيقية للجميع بانه مؤمن بما كان يقوله، طامحاً للعيش بعراق جديد يحترم ويقدس الاختلاف، إلا إن القتلة الموتورين لم يعجبهم كم الصراحة في كلماته، فقرروا أن يردوه قتيلاً في لحظة كان يهم بها تقديم واجب الضيافة لمن ارداه برصاصة باردة.
كيف يمكنني الكتابة عن (المهدي) الذي رافقني في محنة اعتقال مُهين بُعيد انفضاض تظاهرة الخامس والعشرون من شباط المنصرم مع زملاء آخرين، صورته وهو مرمي قربي في صندوق سيارة عسكرية لا يقوى على التنفس لا تفارق رأسي إلى اليوم، محنة تحدثنا عنها آنذاك بصراحة لنكشف هول ما عانيناه بلا سبب، تحدثنا لأننا أردنا أن يكون عراقنا الجديد مختلفاً عن عراق البعث الغابر، وأن لا يندس من يمتلكون هذه الثقافة إلى مفاصل الدولة.
صدمة اغتيال صديقنا (المهدي) ما زالت حتى كتابة هذا الاستطلاع موجعة، لا لأنها غير متوقعة، وإنما لأنها كانت كما توقعنا جميعاً.
أغتيل الراحل يوم الخميس الماضي، قبل ساعات من انطلاق تظاهرات مشروعة كانت ستطالب بالمزيد من الحريات وعدم تكميم الأفواه، وانهاء الاعتداءات الخارجية على حدود اقليم كردستان، وإيقاف بناء ميناء مبارك، والقضاء على الفساد المالي والسياسي ومحاسبة المفسدين.
توقيت الاغتيال كان معداً بدقة، سيُتهم الجميع، ستكون رسالة واضحة إلى الجميع أيضاً بأنهم متهمون بهذه التصفية الجسدية، سيشك الآخرون ببعضهم البعض، وهو ما سيُحقق في النتيجة ما يطمح إليه القتلة، ضياع دم الراحل إلى الأبد.
إلى الآن التحقيق جار من قبل السلطات الأمنية للكشف عن الجاني، هذا المطلب الذي طالب به آلاف خرجوا يوم الجمعة الماضية إلى ساحة التحرير ببغداد أو في محافظات أخرى.
في استطلاعنا هذا، محاولة لرسم صورة (المهدي) من خلال آراء لبعض المثقفين الذين تقاسموا الهم معه، محاولة للبحث عن إجابات لأسئلة محددة مفادها: (هل أصبح صوت المثقف فاعلاً في الساحة العراقية لذلك يتم استهدافه من قبل القتلة؟ وهل إن استهداف إعلامي وفنان مسرحي طالما شاكس الجميع في برنامجه الإذاعي (يا سامعين الصوت) والذي يبث من إذاعة (ديموزي) أو حتى في أعماله المسرحية، سيخفي عورة القتلة؟) أسئلة توجهنا بها لبعض أصدقاء الراحل من أجل رسم صورة جديدة عن (المهدي) ربما ستنفعنا في أن يعلق طويلاً بذاكرتنا.
مثقف نقدي
الكاتب صالح الحمداني يشير في معرض إجابته بأن للمثقف دوراً كبيراً، وكبيراً جداً، في ترسيخ القناعات لدى الناس، وفي تغيير الرأي العام، وإن أكثر ما يخشاه أعداء الحرية والديمقراطية هو المثقف، بالرغم أن هذا المثقف وفي كثير من الأحيان، لايجد تقديراً مناسباً له في المجتمع.
ويرى (الحمداني) أن آراء وأفكار المثقف النقدي لها تأثير أكبر حتى مما يتوقع، مشيراً بأنه يسمع من أشخاص يثق بهم، أنه حتى التعليقات البسيطة ( لبعض المثقفين المؤثرين) في مواقع التواصل الاجتماعي تخضع للمراقبة، وللتحليل لو شئت.
مضيفاً: ("الشهيد (هادي) كانت له كاريزما لطيفة وايجابية، وله حضور اينما تواجد، ثقافته العالية، وأنحداره من عائلة كبيرة، وتنقله بين أكثر من بلد، جعل منه إنسانا أكثر وعيا وأكثر إنسانية، وهو رجل مثابر، ومؤمن بما يقوم به، وان دراسته في اكاديمية الفنون الجميلة - التي اعتبرها معقلا من معاقل الثقافة والوعي- صقلت مواهبه، واستمراره لحد استشهاده في اكمال دراسته العليا، دليل على حيوية يفتقدها الكثير من المثقفين (الموتى).
وأوضح (الحمداني) في ختام حديثه لـ (الصباح) باعتقاده بتغير المجتمعات نحو الأفضل، وذلك عبر نماذج ثورية غير دموية مثل الشهيد (هادي)، مبيـّناً ان الشهيد كامل شياع ترك فراغا كبيرا، وان هادي المهدي جعل هذا الفراغ يبدو أوسع، معلناً إيمانه بالعراق الـ ( ولاّد) للمثقفين الواعين المبدئيين، وان الساحة العراقية الآن فيها العديد من المثقفين الشجعان، الذين يخشى أن يزورهم ( ضيوف هادي المهدي).
بروفة في جهنم
أما المخرج المسرحي قاسم السومري فتحدث عن بداية معرفته بالراحل وكيف تعرف عليه مبدعاً من خلال عرضه المسرحي المثير للجدل (بروفة في جهنم)، إذ قال: "لم أتعرف على المغدور مسرحيا الا من خلال مسرحية (بروفة في جهنم) , عرفت فيما بعد ومن خلال زملائه وأصدقائه، أنه كان مجتهدا في مجال المسرح، بل أن له أشتغالات في مجال التلفزيون والسينما" مضيفاً: "تركت مسرحيته الأخيرة أصداء طيبة في الوسط المسرحي والثقافي، وكانت مسرحية تجريبية بأمتياز بكادرها وأشتغالها، كشف فيها عن طاقة إبداعية بحاجة الى التفريغ, وإذا ما أضفنا لها الإحساس بالمسؤولية الاجتماعية, أمكننا معرفة السبب في توجه بوصلته الابداعية المسرحية, بإتجاه الإعلام والنشاط المدني والسياسي, بعد أن عز عليه تسريب هذه الطاقة في مجال المسرح عشقه الاول"، مشيراً إلى أن الراحل مس في سلوكه ومتبنياته أطروحة (غرامشي) عن المثقف العضوي التي يفتقدها أغلب المثقفين العراقيين.
(السومري) أوضح أيضاً بأن أعداء الديمقراطية لايخشون أغلب المثقفين وبالأخص ذوي المواقف السلبية مما يجري اليوم, الذين لم ولن يخيفوا أحداً، مبيـّناً بأن هادي المهدي أقلق (الهؤلاء), بنشاطه الإعلامي والمدني الأكثر تأثيراً وفاعلية في المجتمع العراقي، مختتماً حديثه بقوله: "تحية أجلال وأكبار للراحلين , هادي المهدي وكامل شياع وكل الذين طالتهم أيادي الغدر (فاقدة الملامح والهوية ), من أساتذة الجامعات والعلماء وكل الشرفاء , الذين كانوا أشجع منا جميعا, في زمن شح فيه الشجعان".
الناحت بالصخر
في حين قال الناقد السينمائي كاظم مرشد السلوم: "ربما تكون صفة المشاكسة التي يمتاز بها الصديق الشهيد هادي المهدي قد طغت على عمله في مختلف المجالات، وهو المشتغل في العديد منها، وأثبت حضوراً فاعلاً فيها وكانت صفة المشاكسة هذه هي السبب في نجاحه ، و(هادي) ليس مشاكسا فحسب بل هو صاحب عزيمة وإصرار على النجاح وينحت بالصخر كي يحققه، وان معظم أعماله الفنية خصوصا المسرحية منها تتوفر على إصرار عال لتحقيق النجاح" مشيراً بأن هذه الصفات ربما امتاز بها فنانون آخرون، ولكن عندما يتحول الفنان الى جانب قضية شعبه مطالباً بتحقيق الأمن والسلام والخدمات وتوفر فرصة العمل، فالتفاوت يكون موجودا بين شخص وآخر لأن الانتماء الى قضية الشعب ليست بالمسألة الهينة، مضيفاً: "وربما يتوقف خلالها الكثيرون في منتصف الطريق بسبب تعرضهم لضغط من هذه الجهة او تلك، أو بسبب الضغط العائلي المبرر، لكن تعرض (هادي) لكل هذه الضغوط لم تثنه عن عزمه في مواصلة العمل نشاطا مدنيا ومنسقا مهما للمظاهرات التي ابتدأت منذ الخامس والعشرين من شباط، ومعها ابتدأ سيناريو استهدافه، بعد ان جعل من قضية الشعب هدفا مركزيا لحياته ، وكان يعلم ان سيناريو استهدافه يرسم بدقة بإنتظار تنفيذه، كيف لا وهو الضليع بقراءة السيناريوهات!" .
وتابع (سلوم): "كان ينتظر ان يشارك قائدا في تظاهرة التاسع من أيلول، وكان يعي ان سيناريو استهدافه قد أكتمل ، وكلماته الاخيرة على صفحته في الفيسبوك تدلل على معرفته تلك ، لكن مسألة واحدة لم يكن يعرفها او يتوقعها وهي ان يصرخ مخرج سيناريو اغتياله بكلمة أكشن في هذا التوقيت بالذات ،ليلة انطلاق المظاهرة التي ينتظر ، وهو الذي اعتاد ان يطلقها لاصدقائه من الفنانين لبدء مشهد سينمائي او مسرحي يخدم قضايا الانسان في كل مكان".
وفي معرض رده عن سؤال (هل ان صوت المثقف أصبح فاعلاً في الساحة العراقية العراقية ويخشاه الآخرين لذلك يتم اسكاته؟) قال (سلوم) "بالتأكيد فلطالما كان صوت المثقف مؤثرا وحقيقياً، تخشاه الأنظمة المختلفة، فهو صوت واعٍ، يحدد المشاكل ويضع الحلول الحقيقية والفاعلة لها، والتي في الغالب لا ترضي البعض في هذه الأنظمة، وغالبا ماتختار طريق العنف لإسكاته، وهو ماجرى مع الفقيد الراحل".
مثقف حاول على الدوام قضاء آخر ما تبقى من حياته المضطربة على أحسن حال، انغمس منذ عقود في الهم الثقافي، وبالأخص المسرح، عالمه الذي أجاد فيه وأبدع، لكن دفق الطاقة التي تغمر روحه لم يكن يسعه هذا الفن، فخاض غمار السياسة ليقطف ثمارها إعدام البعض من عائلته المنتمين لحزب الدعوة زمن الطاغية، أنه هادي المهدي، الكائن المشاكس على الدوام والخجول مثل طفل حين تنبهه الى أخطائه، العراقي الذي ترك جنة المنفى بعيد سقوط الفاشيست العام 2003 عائداً إلى وطنه، عودة انتهت بتلقيه رصاصة غادرة في رأسه من الخلف في منزله بمنطقة الكرادة قبل أربعة أيام.
(المهدي) الفنان والناشط المدني، كان من القلة الذين يفكرون بصوت عال، كاتباً كل ما يجول بخاطره على صفحته الخاصة في عالمنا الافتراضي – الفيس بوك – فضلاً عما كان يتحدث فيه إلى القنوات الفضائية، معرباً في أغلبها عن خيبته الكبيرة لما وصلتْ الحال إليه في العراق، وطنه الذي تناوشه القتلة الارهابيون سواء من تأبط سلاحه او أولئك الذين كانوا يجيدون اختيار ربطات العنق الأنيقة.
أغتيل (المهدي) ليكتمل المشهد الأخير من نبوءته، بعد أن ردد طويلاً بأن عمره سيكون قصيراً في هذه الأرض التي تقتات على لحم محبيها، الراحل وبالرغم من الجدل الذي أثاره في الكثير من مواقفه، إلا أنه تمكن من أن يوصل رسالة حقيقية للجميع بانه مؤمن بما كان يقوله، طامحاً للعيش بعراق جديد يحترم ويقدس الاختلاف، إلا إن القتلة الموتورين لم يعجبهم كم الصراحة في كلماته، فقرروا أن يردوه قتيلاً في لحظة كان يهم بها تقديم واجب الضيافة لمن ارداه برصاصة باردة.
كيف يمكنني الكتابة عن (المهدي) الذي رافقني في محنة اعتقال مُهين بُعيد انفضاض تظاهرة الخامس والعشرون من شباط المنصرم مع زملاء آخرين، صورته وهو مرمي قربي في صندوق سيارة عسكرية لا يقوى على التنفس لا تفارق رأسي إلى اليوم، محنة تحدثنا عنها آنذاك بصراحة لنكشف هول ما عانيناه بلا سبب، تحدثنا لأننا أردنا أن يكون عراقنا الجديد مختلفاً عن عراق البعث الغابر، وأن لا يندس من يمتلكون هذه الثقافة إلى مفاصل الدولة.
صدمة اغتيال صديقنا (المهدي) ما زالت حتى كتابة هذا الاستطلاع موجعة، لا لأنها غير متوقعة، وإنما لأنها كانت كما توقعنا جميعاً.
أغتيل الراحل يوم الخميس الماضي، قبل ساعات من انطلاق تظاهرات مشروعة كانت ستطالب بالمزيد من الحريات وعدم تكميم الأفواه، وانهاء الاعتداءات الخارجية على حدود اقليم كردستان، وإيقاف بناء ميناء مبارك، والقضاء على الفساد المالي والسياسي ومحاسبة المفسدين.
توقيت الاغتيال كان معداً بدقة، سيُتهم الجميع، ستكون رسالة واضحة إلى الجميع أيضاً بأنهم متهمون بهذه التصفية الجسدية، سيشك الآخرون ببعضهم البعض، وهو ما سيُحقق في النتيجة ما يطمح إليه القتلة، ضياع دم الراحل إلى الأبد.
إلى الآن التحقيق جار من قبل السلطات الأمنية للكشف عن الجاني، هذا المطلب الذي طالب به آلاف خرجوا يوم الجمعة الماضية إلى ساحة التحرير ببغداد أو في محافظات أخرى.
في استطلاعنا هذا، محاولة لرسم صورة (المهدي) من خلال آراء لبعض المثقفين الذين تقاسموا الهم معه، محاولة للبحث عن إجابات لأسئلة محددة مفادها: (هل أصبح صوت المثقف فاعلاً في الساحة العراقية لذلك يتم استهدافه من قبل القتلة؟ وهل إن استهداف إعلامي وفنان مسرحي طالما شاكس الجميع في برنامجه الإذاعي (يا سامعين الصوت) والذي يبث من إذاعة (ديموزي) أو حتى في أعماله المسرحية، سيخفي عورة القتلة؟) أسئلة توجهنا بها لبعض أصدقاء الراحل من أجل رسم صورة جديدة عن (المهدي) ربما ستنفعنا في أن يعلق طويلاً بذاكرتنا.
مثقف نقدي
الكاتب صالح الحمداني يشير في معرض إجابته بأن للمثقف دوراً كبيراً، وكبيراً جداً، في ترسيخ القناعات لدى الناس، وفي تغيير الرأي العام، وإن أكثر ما يخشاه أعداء الحرية والديمقراطية هو المثقف، بالرغم أن هذا المثقف وفي كثير من الأحيان، لايجد تقديراً مناسباً له في المجتمع.
ويرى (الحمداني) أن آراء وأفكار المثقف النقدي لها تأثير أكبر حتى مما يتوقع، مشيراً بأنه يسمع من أشخاص يثق بهم، أنه حتى التعليقات البسيطة ( لبعض المثقفين المؤثرين) في مواقع التواصل الاجتماعي تخضع للمراقبة، وللتحليل لو شئت.
مضيفاً: ("الشهيد (هادي) كانت له كاريزما لطيفة وايجابية، وله حضور اينما تواجد، ثقافته العالية، وأنحداره من عائلة كبيرة، وتنقله بين أكثر من بلد، جعل منه إنسانا أكثر وعيا وأكثر إنسانية، وهو رجل مثابر، ومؤمن بما يقوم به، وان دراسته في اكاديمية الفنون الجميلة - التي اعتبرها معقلا من معاقل الثقافة والوعي- صقلت مواهبه، واستمراره لحد استشهاده في اكمال دراسته العليا، دليل على حيوية يفتقدها الكثير من المثقفين (الموتى).
وأوضح (الحمداني) في ختام حديثه لـ (الصباح) باعتقاده بتغير المجتمعات نحو الأفضل، وذلك عبر نماذج ثورية غير دموية مثل الشهيد (هادي)، مبيـّناً ان الشهيد كامل شياع ترك فراغا كبيرا، وان هادي المهدي جعل هذا الفراغ يبدو أوسع، معلناً إيمانه بالعراق الـ ( ولاّد) للمثقفين الواعين المبدئيين، وان الساحة العراقية الآن فيها العديد من المثقفين الشجعان، الذين يخشى أن يزورهم ( ضيوف هادي المهدي).
بروفة في جهنم
أما المخرج المسرحي قاسم السومري فتحدث عن بداية معرفته بالراحل وكيف تعرف عليه مبدعاً من خلال عرضه المسرحي المثير للجدل (بروفة في جهنم)، إذ قال: "لم أتعرف على المغدور مسرحيا الا من خلال مسرحية (بروفة في جهنم) , عرفت فيما بعد ومن خلال زملائه وأصدقائه، أنه كان مجتهدا في مجال المسرح، بل أن له أشتغالات في مجال التلفزيون والسينما" مضيفاً: "تركت مسرحيته الأخيرة أصداء طيبة في الوسط المسرحي والثقافي، وكانت مسرحية تجريبية بأمتياز بكادرها وأشتغالها، كشف فيها عن طاقة إبداعية بحاجة الى التفريغ, وإذا ما أضفنا لها الإحساس بالمسؤولية الاجتماعية, أمكننا معرفة السبب في توجه بوصلته الابداعية المسرحية, بإتجاه الإعلام والنشاط المدني والسياسي, بعد أن عز عليه تسريب هذه الطاقة في مجال المسرح عشقه الاول"، مشيراً إلى أن الراحل مس في سلوكه ومتبنياته أطروحة (غرامشي) عن المثقف العضوي التي يفتقدها أغلب المثقفين العراقيين.
(السومري) أوضح أيضاً بأن أعداء الديمقراطية لايخشون أغلب المثقفين وبالأخص ذوي المواقف السلبية مما يجري اليوم, الذين لم ولن يخيفوا أحداً، مبيـّناً بأن هادي المهدي أقلق (الهؤلاء), بنشاطه الإعلامي والمدني الأكثر تأثيراً وفاعلية في المجتمع العراقي، مختتماً حديثه بقوله: "تحية أجلال وأكبار للراحلين , هادي المهدي وكامل شياع وكل الذين طالتهم أيادي الغدر (فاقدة الملامح والهوية ), من أساتذة الجامعات والعلماء وكل الشرفاء , الذين كانوا أشجع منا جميعا, في زمن شح فيه الشجعان".
الناحت بالصخر
في حين قال الناقد السينمائي كاظم مرشد السلوم: "ربما تكون صفة المشاكسة التي يمتاز بها الصديق الشهيد هادي المهدي قد طغت على عمله في مختلف المجالات، وهو المشتغل في العديد منها، وأثبت حضوراً فاعلاً فيها وكانت صفة المشاكسة هذه هي السبب في نجاحه ، و(هادي) ليس مشاكسا فحسب بل هو صاحب عزيمة وإصرار على النجاح وينحت بالصخر كي يحققه، وان معظم أعماله الفنية خصوصا المسرحية منها تتوفر على إصرار عال لتحقيق النجاح" مشيراً بأن هذه الصفات ربما امتاز بها فنانون آخرون، ولكن عندما يتحول الفنان الى جانب قضية شعبه مطالباً بتحقيق الأمن والسلام والخدمات وتوفر فرصة العمل، فالتفاوت يكون موجودا بين شخص وآخر لأن الانتماء الى قضية الشعب ليست بالمسألة الهينة، مضيفاً: "وربما يتوقف خلالها الكثيرون في منتصف الطريق بسبب تعرضهم لضغط من هذه الجهة او تلك، أو بسبب الضغط العائلي المبرر، لكن تعرض (هادي) لكل هذه الضغوط لم تثنه عن عزمه في مواصلة العمل نشاطا مدنيا ومنسقا مهما للمظاهرات التي ابتدأت منذ الخامس والعشرين من شباط، ومعها ابتدأ سيناريو استهدافه، بعد ان جعل من قضية الشعب هدفا مركزيا لحياته ، وكان يعلم ان سيناريو استهدافه يرسم بدقة بإنتظار تنفيذه، كيف لا وهو الضليع بقراءة السيناريوهات!" .
وتابع (سلوم): "كان ينتظر ان يشارك قائدا في تظاهرة التاسع من أيلول، وكان يعي ان سيناريو استهدافه قد أكتمل ، وكلماته الاخيرة على صفحته في الفيسبوك تدلل على معرفته تلك ، لكن مسألة واحدة لم يكن يعرفها او يتوقعها وهي ان يصرخ مخرج سيناريو اغتياله بكلمة أكشن في هذا التوقيت بالذات ،ليلة انطلاق المظاهرة التي ينتظر ، وهو الذي اعتاد ان يطلقها لاصدقائه من الفنانين لبدء مشهد سينمائي او مسرحي يخدم قضايا الانسان في كل مكان".
وفي معرض رده عن سؤال (هل ان صوت المثقف أصبح فاعلاً في الساحة العراقية العراقية ويخشاه الآخرين لذلك يتم اسكاته؟) قال (سلوم) "بالتأكيد فلطالما كان صوت المثقف مؤثرا وحقيقياً، تخشاه الأنظمة المختلفة، فهو صوت واعٍ، يحدد المشاكل ويضع الحلول الحقيقية والفاعلة لها، والتي في الغالب لا ترضي البعض في هذه الأنظمة، وغالبا ماتختار طريق العنف لإسكاته، وهو ماجرى مع الفقيد الراحل".
الأحد، 11 سبتمبر 2011
كلمات خالدة للراحل هادي المهدي
غدا 9\9 عرس حقيقي للديمقراطية في عراقنا الجديد سيخرج ابناء العراق بلا طائفيه بلا احقاد يحملون قلوب ملؤها العشق والتسامح ليقولون لاللمحاصصة والفساد والنهب والفشل والعمالة ويطالبون بعراق افضل وحكومة افضل واحزاب افضل وقيادات افضل انهم يستحقون ان نصفق لهم ان ننحني لهم نشاركهم هولاء هم ماء وجه العراق وكبريائه وكرامته.. تحية للعراق في ساحة التحرير.. العار للسياسي الذي لايفكر الابقمع هولاء ومواصلة دجله وكذبه وفشله .
كلمات خالدة للراحل هادي المهدي
غدا 9\9 عرس حقيقي للديمقراطية في عراقنا الجديد سيخرج ابناء العراق بلا طائفيه بلا احقاد يحملون قلوب ملؤها العشق والتسامح ليقولون لاللمحاصصة والفساد والنهب والفشل والعمالة ويطالبون بعراق افضل وحكومة افضل واحزاب افضل وقيادات افضل انهم يستحقون ان نصفق لهم ان ننحني لهم نشاركهم هولاء هم ماء وجه العراق وكبريائه وكرامته.. تحية للعراق في ساحة التحرير.. العار للسياسي الذي لايفكر الابقمع هولاء ومواصلة دجله وكذبه وفشله .
جبناء في رثائك يا مهدي ..
مالنا غير الكلمات وقد رحل هادي المهدي.. هكذا ببضع رصاصات صامتات وبذات المسلسل المعاد حد التخمة والقرف في عراقنا الجديد. يندرج اسم هادي المهدي ضمن خانة شهداء الوطن ونمضي بكل جسارة نسطر له الكلمات. والأدهى يا مهدي أنها ذات الكلمات التي قلتها انت حياً وعلناً وأنت تلعن الطغاة لكننا هنا فقط نزيدها تزويقاً ونتحفها بالبكائيات واللطم علنا نرضي الضمير.
لا اعرف لماذا اشعر حتى اللحظة انك يا مهدي نسجت سيناريو موتك وقصصته علينا أكثر من مرة لكننا ومثلما نفعل دائما نغوص في النسيان. أتذكرك جيداً الان وأنت تطلق صوتك هادرا وسط ساحة التحرير وتحرضنا جميعا على الانفلات من صومعة السجان والجلاد. كنت تسخر من طريقة موتك قبل ان تصيبك تلك الرصاصات. ولعل سخريتك صديقي ازعجت قاتليك فأسرعوا في وأدك قبل ان ينطلق صوتك مجددا في ساحة الايمان.
من منا بلا صوت اليوم فليرم نفسه بحجر ويمضي بلا عزاء الى سجنه امناً. ومن يريد الكرامة لابد ان يتكلم.. وان يرفض ان يقول كلمة الحق وان زعلت عليه الحكومة.. وحرم من المناصب ..وان اقتص منه الفاسدون بعدها.. لان ما يفعلونه لن يزيدهم الا فسادا وما نفعله يزيدنا كرامة.
كنت تقول لي عبر الفيس بوك ايضا: محنة العراق انه بلد يحكي فيه الاشراف كثيرا لكنهم لايعملون الا القليل لاجل استرداد الحقوق. مازالت اوجاعك ترن في مسامعي وانت تصف مشاهد الارامل وهن يطالبن بحقوقهم ولامن مجيب وانت ترثي ضياع كرامة المتقاعد امام فتات حقوقه وامام ترف رواتب المسؤولين.. وانت تبكي امام ام ثكلت ولديها في السجون السرية ولامن شريف يطيب جرحها.
أتذكرك وأنت تحرضني على فهم معنى الكلام لأجل الوطن وحده وليس لأجل مقاصد نفعية وترويجية كما سعى لها البعض.. كنت تحفر في كل واد بأصبع علك تفلح في إيصال صوتك.. ولكن لم يمهلك الطغاة الذين شتمتهم أكثر من مرة، الوقت المطلوب هذه المرة. أرادوا حرمانك من زيارة التحرير في جمعة البقاء ولم يعلموا انك ستزورها محمولا على الأكتاف يا مهدي وتطوف حول ساحة التحرير والكل يردد كلامك ويستمد منك العزم. كنت بيننا تزيدنا شرفا ونزداد بك قوة.
الجماهير التي شيعتك بالأمس يا مهدي مارست مثلك حلم العيش في وطن لاتطاله عناكب الفساد ولا المناصب ولا المحاصصة وادعياء الوطنية وهم قابعون في مناطقهم الخضراء المحصنة. الجماهير التي ودعتك بالامس لن تنسى درسك الذي قدمته لنا علانية وبصمت عليه من دمك النقي الثائر كي نعيه جيداً. صرنا نفهم الان يا مهدي ان عراقنا لن يغدو حراً وابياً مالكاً خيراته لاهله مادمنا نغلق نوافذنا بأحكام امام سراقنا. صرنا نفهم ان الوقت قد ازف لنمزق تلك الستائر الثقيلة التي اصابتنا كلنا بالوجع والبدانة ونفكر بالعمل مجددا بيد من حديد. لن نكتفي بالكلمات فقط كونها اضعف الايمان كما نفعل دوماً. لابد ان نرثيك فعلا وصلابة وموقفا موحداً امام كل السراق والمنتفعين والجهلاء واللصوص. لابد من تحقيق حلمك يوما وعندها نكون قد وفينا حقك وحق الوطن علينا.
نعلم الآن جيدا أننا سنقدم مزيدا منك يامهدي فمازال في جعبة المفسدين طلقات كاتمة ومازال فينا بقية رمق للحياة بكرامة.
أ
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)